بتاريخ 16 مارس 1871 وبالضبط في حي راق لأسرة ثرية بلندن، ولد الطفل مارك سايكس من عائلة يهودية، علمت على تربيته على القيم اليهودية، حيث أولته عائلته عناية تامة في دراسته الأولية، حيثتلقَّى مارك سايكس تعليمه في موناكو الفرنسية بالمدرسة العيسوية، وسرعان ما غادرها في يوليو/تموز 1895 نحو بروكسل البلجيكية، حيث قضى عاما بمدرسة سان لويس. ثم انتقل بعدها إلى كمبردج عام 1897.
وقد عُرف سايكس بإجادته لغات عديدة بينها العربية والتركية والفرنسية كما ركزت عائلته على تلقينه التاريخ كمرجعية يجب أن تكون جزءا من كيان الطفل، وبعد أن كبر الطفل وأضحى شابا، اختار بالإضافة إلى التكوين العسكري، الدراسات البلوماسية والسياسية، ليلفت إليه انتباه العائلة الملكية البريطانية ويبدأ مشواره السياسي لخراب هو خريطة الوطن العربي..
مارك سايكس عمل مستشار سياسيا ودبلوماسيا ثم تحول إلى رحالة بريطاني، وقد اشتهر بسفره المتواصل إلى منطقة الشرق الأوسط ومصر والمتوسط والهند ومنطقة الكاريبي والمكسيك وأميركا الشمالية. وقد أصدر سايكس في سن مبكرة عددا من الكتب، بينها كتابان في العلم العسكري، وثلاثة عن السلطنة العثمانية وبلاد المسلمين، وتناول فيها الجغرافيا السياسية للمنطقة، ومشاهداته أثناء أسفاره في آسيا الصغرى وبلاد المشرق بين عامي 1905 و1913.
ومن بينها “دار الإسلام”، و”رحلة في الولايات العثمانية الخمس”، و”ميراث الخلفاء الأخير: موجز تاريخ الإمبراطورية التركية”.كما أنه مثّل بلاده في محادثات سرية لاقتسام أراضي الإمبراطورية العثمانية في المشرق والأناضول مع فرنسا وروسيا، وقد كان هو المهندس للاتفاقية المعروفة بـ”سايكس بيكو”، كما أن دوره في صنع “وعد بلفور” كان محوريا ، وقدانتخب سايكس في البرلمان عام 1912 نائبا عن حزب المحافظين.، ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، اختير سايكس لقيادة “The Green Howards”، وكان وقتها برتبة مقدم.
وقد اشتغل سايكس مساعدا للّورد كيشنر وزير خارجية الحرب، كما عمل مستشارا للحكومة بشأن الشرق الأوسط، وبتحريض منه تم عام 1915 إنشاء المكتب العربي بمصر ليكون فرعا من جهاز الاستخبارات البريطاني مهمته ضبط الأنشطة السياسية في الشرق الأدنى. ليتم تعينه ملحقا فخريا للسفارة البريطانية في إسطنبول.
اشتهر مارك سايكس بالاتفاقية التي تحمل اسمه واسم القنصل الفرنسي في بيروت ومستشار السفارة الفرنسية في لندن جورج بيكو، وهي الاتفاقية التي وقعت عام 1916، وقسّمت مناطق النفوذ بين بريطانيا وفرنسا في الشام وممتلكات العثمانيين في آسيا، ووضعت فلسطين تحت إشراف دولي تديره فرنسا وبريطانيا.
لكن مع ظهور مقترح ينصح الحكومة البريطانية بتبني المشروع الصهيوني، غيّر سايكس رؤيته ودفع باتجاه إنجاح مشروع الصهاينة في فلسطين حيث إن ذلك سيسمح بتجاوز الإدارة المشتركة للمنطقة مع فرنسا التي يقضي بها اتفاقه مع بيكو.
وقد هيأت هذه التغييرات الأجواء لإصدار وعد بلفور في عام 1917، وهو وعد اضطلع سايكس بدور بارز في بلورته.
بتاريخ 16 فبراير 1919 توفي سايكس في باريس، بعد إصابته بداء الإنفلونزا الإسبانية التي أودت بحياة نحو خمسين مليون شخص في العالم خلال السنوات الأولى من القرن الماضي.
-الوكالات/ التحرير