أقلام رصاصفي الواجهة

الأستاذ عيسى جرادي يكتب عن الفئة المتسية..بنات الشهداء؛ يتيمات الوطن!

فكرت ألا أكتب شيئا هذه المرة عن يوم الشهيد الموافق ” 18 فيفري ” من كل عام .. حتى لا اضطر لاجترار كلام يكاد يفقد معناه و أثره .

يوم يأتي و يوم يذهب و لا شيء يتغير .. رتابة في المواقف .. و نسيان للتضحيات .. و إنكار لإرث أضحى ظلا آيلا للاندثار .. و هذه الأعداد المتناقصة من الأرامل .
فكرت في ذلك .. لولا أمران حفزاني على قول شيء :
الأول : صدور تعليمة وزارية مشتركة، تخص كيفية احتساب رواتب وتعويضات شاغلي الوظائف العليا في الدولة.. هذه التعويضات التي تحسب بناء على قاعدة غير سوية .. ( الحد الأدنى للأجر المضمون مضروب في كذا مرة .. ربما عشرين أو أكثر أو أقل قليلا ) .. ماذا يعني هذا ؟ 
كلما زادت الحكومة الحد الأدنى للأجر للطبقات العاملة الضعيفة .. تحولت الفائدة إلى الطبقات ” العليا ” المحظوظة.. فيزداد ريعهم .. و يتسع الفارق بين الدخول .. و يكبر الشرخ بين فئات العاملين .
الآخر : منحة البطالة المقدمة للشباب و البالغة 15 ألف دينار شهريا ( يتناولها كل من بلغ 20 سنة ) .
سيبدو لكم الأمر طبيعيا .. من باب أن الحكومة مختارة في أن تحسب أو تعطي كيف تشاء و لمن تشاء .. و قد تقولون : ليس عدلا أن تتساوى المرتبات و الأجور .
و أقول : هذا صحيح عندما تكون المبادئ و وقواعد الحساب صحيحة و عادلة .. غير أن للأمر وجه آخر .. مغاير تماما لما تتصورونه .
تذكروا .. ثمة فئة منسية .. و يساء لها منذ سنين عددا .. و لا أحد جأر يوما بكلمة حق .. إنصافا لدماء آبائهن على الأقل .. هن ” بنات الشهداء ” .. أكرر ” بنات الشهداء ” .. أتدرون كما تتقاضى الواحدة منهن – إذا كانت متزوجة و لو من بطال لا يملك قوت يومه – : 5 آلاف دينار فقط .. و أقول فقط .
أعرف إحداهن و قد بلغت السبعين أو أكثر .. عاجزة عن إجراء عملية جراحية لعينها .. و تجتهد في جمع هذه المنحة ليتسنى لها ذلك !!!
عزيزي المشرع .. و من يتولى شؤون التنفيذ في الحكومة .. أيعقل أن تقدموا منحة لابنة شهيد أدناهن عمرا فوق الستين .. هي ثلث ما تقدمونه لشابة بالكاد تبلغ العشرين .. أيعقل هذا ؟
لا أعترض على الحكومة أن تقدم منحة بطالة لمن تشاء .. فهي حرة في ذلك .. لكني أشعر بخجل و ألم شديدين .. حين أراها تبتذل ” بنات الشهداء .. يتيمات الوطن ” .. بخمسة آلاف دينار لا تفي بعشر معشار حاجتهن .. و هن الكبيرات في السن .. الضعيفات .. البسيطات .
لن يطول الوقت كثيرا .. و سيرحلن جميعهن عن هذا العالم .. و سيتركن لكم إرثا من النكران .. لن تصلحوه أبدا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى