في كل مدينة وولاية، نجد أنفسنا أمام سؤال واحد يتكرر باستمرار: ماذا قدم المسؤولون؟ ولكن الغريب في الأمر أن هذا السؤال لا يأتي فقط من المواطنين، بل غالبًا من أولئك الذين يعتقدون أنهم خبراء في كل شيء! فبينما يتم تداول مصطلحات مثل “التنمية المحلية” و”التحديات الاقتصادية”، نجد أن الجميع أصبحوا خبراء في السياسة، الرياضة، الثقافة، وحتى الطقس! لا تفاجأ إن قابلت أحدهم في المقهى يناقش مشاريع البنية التحتية بينما في نفس الوقت يقدم نصائح فنية لمنتخب كرة القدم المحلي!
“المسؤولون فشلوا!”، هذا هو الشعار الذي يرفعه الجميع فور أن يظهر أول مشكلة في الأفق. الوالي لم ينجح في إصلاح الطرق؟ لابد أن هذا نتيجة لقراراته “الفاشلة” بالتأكيد. المدارس تعاني؟ المسؤول “نام” على منصبه! وإذا تحدثت عن أي قضية اجتماعية أو ثقافية، تجد أن الجميع يتخصص فيها وكأنهم قضوا سنوات في دراستها. “لو كنت في مكانه، لعملت كذا وكذا” – وكأن الجميع يحملون شهادة في إدارة المدن وتخطيط المستقبل!
لكن هنا يبرز السؤال الأهم: هل هؤلاء النقاد الذين يتنقلون بين المواضيع المختلفة يقدمون حلولًا فعلية؟ أم أن النقد أصبح مجرد رياضة صباحية لدى البعض؟ من السهل أن ننتقد أو نحلل، لكن في الحقيقة، الكثير من هؤلاء لا يقدمون أي حلول حقيقية، بل يكتفون بإلقاء اللوم على الآخرين بينما هم جالسون في مقاعدهم المريحة يتابعون الأخبار على التلفزيون.
أما المنتخبون والأعيان، فهم في هذا السيناريو يصبحون شخصيات خيالية في أفلامنا اليومية. “أين هم؟” يتساءل الجميع. وفي الوقت نفسه، هؤلاء المنتخبون يجلسون في قاعات الاجتماعات تحت الأضواء، ولكن يبدو أن بعضهم يفضل الهروب من اتخاذ القرارات الصعبة أو حتى البحث عن حلول حقيقية للمشاكل.
أما المواطن، فهو أيضًا جزء من هذا المسرح. إذا كنت تظن أن مسؤولية التنمية محصورة في المسؤولين فقط، فأنت مخطئ. المجتمع، في النهاية، هو الذي يجب أن يدفع باتجاه التغيير. ولكن بدلًا من ذلك، نرى أن الشكاوى هي النشاط الرئيسي، بينما يبقى الجميع في انتظار “الوالي” أو “المنتخب” ليحل كل شيء، وكأنهم أعمدة إنقاذهم الشخصية.
في النهاية، إذا أردنا بالفعل تحسين الوضع في الجلفة أو أي ولاية أخرى، يجب أن نتوقف عن التفاخر بفهمنا العميق في السياسة والرياضة والثقافة، وأن نبدأ في التفكير في الحلول الحقيقية. علينا أن نتساءل: ماذا قدمنا نحن؟ الجواب قد يكون مفاجئًا للكثيرين: لم نقدم شيئًا سوى النقد!