تشكل الدروس الخصوصية في الجزائر ظاهرة اجتماعية معقدة تجمع بين الحاجة المُلِحَّة للدروس الخصوصية كوسيلة لتحسين المستوى الدراسي وسد الفجوات التعليمية، وبين آثارها السلبية التي تؤثر على النظام التعليمي والمجتمع من حيث تكافؤ الفرص والعبء المالي على الأسر. الدروس الخصوصية باتت جزءاً لا يتجزأ من المشهد التعليمي، في الجزائر حيث يلجأ إليها الطلاب وأولياء الأمور لتعويض النقص في التعليم الرسمي أو لتحقيق التفوق الأكاديمي!لكن في الوقت ذاته، تسببت هذه الظاهرة في تفاقم التحديات داخل النظام التعليمي، بين مرحبٍ بها وبين رافض لها .
لعل من بين الأسباب الرئيسية لانتشار الدروس الخصوصية هو ✅ضعف النظام التعليمي ،حيث نجد كثير من الطلاب يعانون من تدنٍ في مستوى التعليم داخل المدارس بسبب ✅نقص الكفاءات التربوية وهذا راجع لسياسة التوظيف ، التي جعلت من التعليم الإسفنجة التي تمتص شبح البطالة! فبات القطاع يستقطب أفرادًا يفتقرون للتأهيل التربوي والنفسي ، مما يجعل طلابًا كثرا يقعون ضحية للتقلبات النفسية للمعلم ، دون أن ننسى الاكتظاظ في الفصول، ما يجعل الطلاب غير قادرين على الاستيعاب ،حتى المعلم يفقد القدرة على التحكم في القسم ويصبح عطاؤه محدود جدا بالإضافة إلى ذلك، فإن الضغوط الدراسية المرتبطة بالامتحانات المصيرية مثل شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا تدفع الطلاب إلى البحث عن دعم إضافي لتحسين أدائهم ويرون بذلك أن الدروس الخصوصية تكفل لهم النجاح والتفوق ، كما لا يخفى على أحد أنه من مكتسبات الدروس الخصوصية أنها قضت على مجانية التعليم المكفولة بالنص الدستوري وبهذا ساهمت في تراجع دور المدرسة الحكوميه ، حيث أصبحت الدروس الخصوصية بديلاً غير رسمي للتعليم، مما أضعف ثقة الطلاب في المنظومة التربوية الحكوميه والمفارقة أن المعلم في المدرسة أو الدروس الخصوصية يعمل بنفس المناهج ؟ هذا يدفعنا للتساؤل ماذا يجد الطالب والولي المقبل بلهفة على الدروس الخصوصية لم يجده في المدارس الحكوميه ؟ .
كما لا يخفى على أحد أن الدروس الخصوصية أدت إلى تفاقم الفجوة الاجتماعية، حيث يستفيد منها فقط الطلاب من الأسر الميسورة، مما يزيد من التفاوت في الفرص التعليمية، كما أن الجمع بين الدراسة النظامية والدروس الخصوصية يُرهق الطلاب نفسياً وجسدياً، مما يؤثر على صحتهم العامة وأدائهم، ومن الجوانب الأكثر سلبية، أن بعض المعلمين يلجأون لاستغلال الطلاب وأولياء الأمور عبر الترويج للدروس الخصوصية على حساب جودة التعليم داخل الفصول المدرسية، ما يُشوه أخلاقيات الرسالة التعليمية فتجدهم يحشرون الطلاب حشرًا بأعداد لا تراعي ولا تكفل لهم التعلم بمنهجية سليمة ومدروسة ، لذلك، فإن معالجة جذور المشكلة تتطلب إصلاحاً عميقاً للنظام التعليمي ، يتضمن تحسين جودة التعليم داخل المدارس، تخفيف الأعداد داخل الفصول، وتوفير دعم أكاديمي مجاني للطلاب ، ✅فرض الرخص التعليمية لغير الموظفين في التعليم والذين يقدمون الدروس الخصوصية ،هذه الرخصة تؤهلهم لممارسة التعليم في إطار قانوني بعيدًا عن صناعة الشو 🫤. فقط من خلال هذه الإصلاحات يمكن بناء نظام تعليمي عادل وفعّال يُلبِّي احتياجات جميع الطلاب دون الحاجة إلى الحلول البديلة،أما من ناحية الكوادر التعليمية الاحتياج ✅للعمل بالحوافز سواء من خلال تخصيص منحة كل سداسي للمعلم المبدع تخضع لنتائج الطلاب ومدى تحسن مستواهم ،دون أن ننسى العمل على ✅إقرار قانون يكفل حماية المعلم نفسيا وجسديا، ✅تقديم مكافآت مالية للمعلمين الذين يثبتون تفوقهم في تطبيق أساليب تدريس مبتكرة وليست المستنسخة 🫤، ✅إشراكهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمناهج أو تطوير البيئة التعليمية،
توفير فرص المشاركة في برامج تدريبية دولية ✅ومؤتمرات تعليمية تساعد في انفتاح وترقية التعليم .
وأخيرا الإصلاح الجذري لا تقليم الشجرة إذا كان يستوجب القطع تقطع !
#المعلمة_بودراس_صباح