Site icon موقع الأستاذ أسامة وحيد

خصومنا الأطباء !

التقيت صدفة عمي حْسَنْ الماصو يمشي ويضحك وحده، استغربت الأمر من رجل عاقل ورزين. ترددت في الاقتراب منه خوفاً من أن يكون الرجل، كما يقول التعبير الشعبي، دفع أوراقه!.. لكنه حالما رآني، هرع نحوي صارخا: يا بوڤلب هاذو طُوبَّا ولا عَدْيان…

ضحكت: خير انشالله يا عمي حسن، هل أنت مريض؟…
ردّ علي مهموماً: كنت صْباح صْحيح، ما شاء الله نجري كي لغزال، جبت المخلوقة للطبيبة هي خرجت زعفانة وأنا مريض…كنت أعرف دزينة الأمراض التي تعاني منها زوجته، أغلبها وهمي، وبعضها نتيجة السن التي لا دواء لها سوى الصبر… وككل امرأة انجبت وربّت وعانت، ثم وجدت نفسها وحدها بعد أن غادرها ابناؤها، من الطبيعي أن تدفع الثمن من صحتها ونفسيتها في سنّ ولو متأخر…
لم يقصّر في الحقيقة بواجبه تجاهها، تفادياً بالدرجة الأولى لعدوانيتها ولسانها السليط، كما يقول … وكنت أعرف شيئاً من حكاياته معها التي تشيب لها رؤوس الحكماء… فقد خصّص الرجل ثلاجة كاملة لحفظ أدويتها التي تتغدّى وتتعشى بها…

هذه المرّة اختلف الأمر. نصحتها الطبيبة بعد قراءتها للتحاليل بالتوقف الفوري عن تناول الأدوية التي أثرت على كبدها وعلى غدّتها الدرقية الكسولة…
قالت لها ببساطة: عليك أولا أن تتوقفي عن تناول الخبز بكل أنواعه، واستبدليه بالموز، وعليك أن تكثري من شرب الماء المعدني، وتناول السمك والكبدة والخضار على الأقل مرتين في الأسبوع، ولأن لديك نقص في الفيتامينات عليك بالفواكه الغنية بها مثل التفاح الافوكادو والكيوي… إلخ.المهم، عمي حسن الماصو يكسب أربعين ألف دينار منحة التقاعد، وهو يسميها محنة التقاعد، دخل في هوشة مع الطبيبة، وعاد هو وزوجته للبيت، هي تنتظر منه دواءها الجديد، وهو يمشي في الشارع ويضحك وحده!..

Exit mobile version