أقلام رصاصفي الواجهة

المعلمة صباح بودراس تكتب: تأنيث التعليم، ما له وما عليه

لم ترتبط ذاكرتي وأنا طفلة بمعلمة مطلقا،طيلة سنوات التمدرس من الابتدائي إلى الثانوي وحتى المرحلة الجامعية تتلمذتُ على يد رجال ، أعود بذاكرتي إلى القسم حين كان يعتلي معلمي المصطبة هيبته تُغطي المكان حتى صوته الجهوري يُجملُ الكلمات والأحرف ،كُنا نراه بوصلة القدوة ولو سألت أي تلميذ عن حلمه مستقبلا كان يجيب دون تردد أريد أن أصبح معلمًا ، لما كان له من مكانة في المجتمع لم نشتكي يوما من غياب العاطفة ، لقد جمع بين الحلم والحزم بطريقة عجيبة. حتى الشعر الذي كبرنا ونحن نردده لم ينصف المرأة المعلمة (قُم للمعلمِ وفه التبجيلا # كاد المعلم أن يكون رسولا ) لقد كان المعلم في السابق يلعب دورًا قياديًا داخل المجتمع ككل وليس المدرسة فحسب وكثيرًا ما نسمع القائد ،الملهم ،مُربي النشء مع غياب تام لتاء التأنيث.

لكن الآن تغير كل شيء حيث تشكل النساء الأغلبية العظمى من الكادر التعليمي خاصة في المرحلة الابتدائية، والذي يُنظر له على أنه امتداد لدور المرأة في التربية والرعاية، مما يعزز وجودها في هذا المجال أكثر من الرجال ، دون أن ننسى تدني راتب المعلم وهذا ما يفرض على الرجال التوجه إلى مهن راتبها أعلى ويغطي التزاماتهم الأسرية ، إضافة للنظرة التقليدية التي تعتبر رعاية الأطفال مسؤولية نسائية بحته وأن الرأفة والرعاية والصبر، صفات أنثوية؟ من وجهة نظري أرى أن غياب القدوة الذكورية بالنسبة للتلاميذ الذكور، قد يؤدي إلى فقدانهم لنموذج قدوة يمكنهم التشبه به، مما قد يؤثر في تكوين شخصياتهم، خاصة في مرحلة المراهقة وأنا واحدة من المعلمات اللواتي فشلن في الكثير من الأحيان في التعامل مع طبيعة بعض التلاميذ الذكور و كُنت أسيء فهم بعض السلوكيات التي هي طبيعية جدا وأربطها مباشرة بقلة الانضباط ، إن تأنيث التعليم أسهم بشكل كبير في تدني نظرة المجتمع لهذا الصرح العظيم فأصبح المعلم مجرد موظف يؤدي عملًا روتينيًا والمدرسة جُدران وأقسام وطاولات خشبية مهترئة . من وجهة نظري أرى أن انخفاض التأثير المجتمعي للمعلم و نقص الكادر التعليمي من الرجال في مؤسساتنا التربوية قد أدى بالبعض من التلاميذ بالشعور بعدم الانتماء إلى هذا الكيان الأنثوي مما قد يدفعهم للتمرد إذا لابد من إعادة التوازن لقطاع التربية من خلال وضع سياسات توظيف تشجع الرجال على الالتحاق بالتدريس، مما يضمن بيئة تعليمية متوازنة تلبي احتياجات جميع التلاميذ ،مع تحسين ظروف العمل ورفع الأجور
وتوفير حوافز تشجع الرجال على الانخراط في مهنة التدريس، مما يساهم في تحقيق توازن بين الجنسين داخل المدرسة عذرًا تاء التأنيث فأنا امرأة تربت على يد رجل وتتلمذت على يد رجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى