قضايا الساعة

الظاهر والخفي في الأزمة “المدرسة”

من المسؤول؟!



ما لم نمتلك القدرة على القيام بين الحين والحين والفينة والأخرى للوقوف أمام أنفسنا في “مصارحة” وحتى “مصارعة” مع “الذات”، فإننا لن نجد الطريق إلى تشخيص أخطائنا وتحديد المسؤوليات وكذا تحديد أولويات العلاج بدلا من لعبة الوصفات المسكنة؛ وما جنت على البلاد من تراكمات؛ كل مرة نجد أنفسنا وجها لوجه مع تداعياتها غير مدركين أن الأصل في حياة واستقرار الأوطان؛ ليس في مراوغة الأزمات حماية لسلطة أو نظام ولكن في حل التراكمات من جذورها حماية للوطن من لعبة التأجيل والمجهول ، فالمراهنة على الوقت يا سادة “الركوب” لا يحل المشاكل ولكنه يؤزمها .

 

بكل براغماتية وبعيدا عن أي توجه وتوجيه وكدراسة حالة، فلنأخذ قضية احتجاجات تلاميذ الثانويات؛ ونناقشها بعيدا عن أي أحكام مسبقة؛ ولنعترف في مصارحة مع الذات؛ أن السلوكيات التي ظهرت على مدار أيام من الاحتجاجات؛ على تلاميذ الثانويات، لم تفضح لنا فقط ذلك الكم من “جيل” تم تهجينه وعجنه ليكون لعبة طرية في يد كائنا من كان ولغم مغبرط تم زرعه بعناية في خاصرة البلد وذلك كنتيجة منطقية لزرع كاسد ، ولكنها فضحت ما وراء الأكمة من تراكمات لترمي لنا بأسئلة عميقها
 مختزلها: هل حقا هؤلاء التلاميذ كانوا يتعلمون لسنوات في المدرسة؟ وأي علم ذلك الذي تم زرعه فيهم على مدار 13 سنة من الذهاب والإياب؟ وأين هو أثر ذلك التعليم، بل وهذا هو الأهم: أين أثر تلك “التربية”، ما دام لعب “الذر” قد وصل إلى صب البنزين على استاذ وحرقه وكذا تحطيم أبواب المدارس والجرأة على اساتذتهم ومعلميهم وتهديدهم؟!..
ويالاضافة إلى ما سبق من اسئلة عالقة؛ فإن السؤال المحوري مفاده: من المسؤول؟! وماذا كشفت لنا لعبة “تثوير” الصغار بذلك الكم العبثي؟
والإجابة الواضحة على ما سبق والتي لا تحتمل لبسا؛ أن المسؤولية التامة على ذلك الهجين والعجين؛ أولا مدرسة؛ وحين نقول مدرسة فهي طاقم تربوي وأسرة تعليمية ومؤطرين ؛ قضي فيها التلميذ 13 سنة من الساعة 8 صباحا إلى 12.00 ومن 14:00 إلى 17:00؛ وفي النهاية هذه هي “البضاعة” أمامنا في الشارع ، فترى أين الدراسة وأين التربية وأين التعليم؟ وماذا كان يفعل تلامذتنا بين أسوار المدارس؟ وأين تأثير الأستاذ والمعلم كونه القدوة والأب والأسرة في غياب الأسرة .
هذا عن “أولا” التي هي “مدرسة” فقدت تأثيرها وأثرها؛ قيمتها ومقامها، قدسيتها وحصانتها، أما ثانيا، فإنها “الأسرة” التي تحولت إلى “مراقد” ليليلة لجيل أصبح عالمه هاتف نقال، أكلا ولبسا؛ لعبا وجدا؛ نوما وصحوا؛ لذلك فإن سلطة الأسرة كمركز تأثير انتهت إلى كونها سلطة “نوم” في مرقد يجمع العائلة ليلا حتى لا ينسى أفرادها ملامح بعضهم، والسلام على ما كان من أسرة؛ اغرقوها في سلطة “الخلع” وفي استقلالية البنت على سلطة شقيقها وحتى والدها..
أما ثالث الأشياء وأهمها مما عرّته خروج “الوحوش” الصغيرة من مرابطها؛ فإنها مسؤولية السلطات السياسية المتعاقبة وامتهانها لعبة الايديولوجيات واستراتجية الغبرطة في مسخ المدرسة؛وذلك على حساب بناء الجيل، 
حيث الثابت الآن أن من هندس جينات هذا الجيل بمجاملة معركة الأطياف والتطويف وذلك على حساب المعرفة والتربية وطلب العلم، قد انتهى؛ ونقصد صاحب الهندسة المسخ، إلى حقيقة أنه انت
ج لنا ببضاعة مسخ عنوانها جيل بلا تأصيل ولا جذور ولا قدوة..
آخر الكلام:
احتجاجات تلاميذ الثانويات أظهرت لنا سلعة من جيل قال لمن عجنه: هذي بضاعتكم عادت إليكم.
وفي طيات ذلك..نتيجة واحدة مفادها:
_فشلكم أسرة تم “خلعها” عن المدرسة
_ فشلكم مدرسة تم “خلعها” عن التربية .
_ فشلكم سلطات؛ تلاعب بأهم تأسيس لمفهوم الأمة، الذي هو الأسرة والمدرسة ورمت بهما في سوق التغبرط والتطويف

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى