قضايا الساعةأقلام رصاصفي الواجهة

الأستاذ عيسى جرادي يكتب: الحكومة عاجزة و”ظالمة”، فماذا عنكم؟!

أضم صوتي إلى أصواتكم جميعا ..أن الحكومة مقصرة .. و أجهزتها – في أغلبها فاشلة – .. و أداؤها ضعيف .. و هي دون المسؤوليات الملقاة على عاتقها .. و بعض رمزوها من الفاسدين المحالين على المحاكم .. – دون تعميم الحكم طبعا – .. لكن ثمة ما يقال أيضا بالنسبة إلى المواطنين .. و التهم هنا ثقيلة أيضا ثقلها على الحكومة .

فهل الحكومة هي من يمنع المواطنين من أن يكونوا صالحين و طيبين و نظيفين و مبدعين ؟ هل تجبرهم على الإخلال بواجباتهم الوظيفية و الأخلاقية ؟ هل تجر من يحسن منهم إلى السجن لأنه أحسن ؟ هل سدت كل المنافذ في وجوههم ليكونوا مواطنين غيورين على المصالح العامة .. قائمين عليها بجد و حرص؟

هل الحكومة هي من يأمر التجار بابتلاع جيوب المستهلكين بلا رحمة ؟ هل هي من يعيق العامل و الموظف عن أداء مهامه بنزاهة و كفاءة و انضباط ؟ هل هي التي قتلت ضمائر الناس فتحولوا إلى كتل صماء لا يخترقها أنين مكلوم أو استغاثة محتاج أو صرخة عالق بين الصخور ؟ هل هي التي تأمر المقاولين و متهعدي الأشغال العمومية و الصفقات أن يغشوا و يرشوا ؟ هل هي التي تمنع المواطن أن يكون نظيفا في بيئته و محيطه كما هو نظيف في بيته ؟ هل الحكومة هي التي تحرض الشباب على الانخراط في عصابات المخدرات و الممنوعات ليهدروا عقولهم و عقول من يقع في قبضتهم ؟ هل هي من يحثهم على الكذب و السفسطة و الخداع و النوم إلى منتصف النهار ؟ هل هي من يحرض المعلم و الأستاذ على الإزراء بوظيفة التربية و التعليم ؟ هل هي التي تقول للطبيب عليك بسلخ المريض و للممرض دعه يموت ؟ و هل … و هل؟قد يقول قائل : بسبب فساد الحكومة فسد المجتمع ؟ و هذا ” تأويل ” خاطئ .. فماذا لو عكسنا المقولة و قلنا : بسبب فساد المجتمع فسدت الحكومة .. أليس يقال ” كل شعب يعطى حكومة تناسبه ” أي توافق أخلاقه و طريقة تفكيره و نمط تصرفه ؟
لنتفق على تحميل الطرفين معا أوزار التخلف و الفشل و ضياع البوصلة الوطنية في متاهة لا آخر لها .. شرط أن نعيد توجيه عقرب السؤال : لم لا ينجح الشعب حيث تفشل الحكومة ؟ لماذا لا يحسن هو حيث تسيء هي ؟ لماذا لا يقدم الشعب نموذجا راقيا من نفسه .. فتقتدي به الحكومة خوفا أو طمعا ؟ لماذا لا يطور آليات تفكيره و صده باعتباره القوة الموازية للحكومة ( نظام ، سلطة ، أجهزة رسمية ، ..)؟ لماذا لا ينجز الأشياء التي يستطيعها بدل أن يمد يده مستجديا .. ممن لا يعطيه شيئا ؟
أليس أعوان الحكومة المكلفين بالشأن العام – أعني الفاسدين منهم – يتغذون من انحطاط اخلاق الشعب .. بل و يجدون أعوانا لهم من المواطنين أنفسهم ؟
لماذا نخلي مسؤوليتنا في قضايا نستطيع نحن حسمها دون انتظار مكرمة من هذه الحكومة ؟
لماذا يبلغ بنا العجز حد انتظار الحكومة أن تزيح شجرة سقطت في الطريق .. و إلا تركت حتى تبلى حيث هي ؟
عزيزي المواطن (أنا و أنت و هو و هي ) ..
أنت المسؤول رقم واحد عن هذا الانحطاط .. فكف لسانك و أمسك عن هذه الثرثرة المقززة .. و هذه أبسط خدمة تستطيعها دون عناء .. تقدمها لنفسك و لهذا الوطن المبتلى بنا جميعا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى