ما بين مؤثرين يروّجون للابتذال، وإعلام كان شريكًا في صنع هالتهم الزائفة، التي لا تختلف عن فزاعات الطيور في الحقول. وجمهورٍ منحهم أضواء الشهرة ثم اشتكى من الظلمة ! نجدُ أنفسنا أمام واقع فرض نفسه بلغة الأرقام والمشاهدات ،هؤلاء المؤثرين الذين أخذوا على عاتقهم مهمة تثقيف المجتمع، ولكن على طريقتهم الخاصة!
البعض منهم اعتلى سلم الشهرة على أشلاء أجسادهم المنهوشة ! الآن لم يعد الطبيب ولا المعلم ولا الكاتب هم قادة الرأي؟ تخيل أن تفتح التلفاز، فتجد مذيعًا يقدّم مؤثرًا يملك “خبرة واسعة” في الحياة، رغم أن أقصى تجربة مرّ بها هي اختيار لون حذائه في الصباح أو أحمرُ شفاه ، أو سروالًا يخنقُ خاصرته وقميصا بالكاد تتماسك أزراره ! فتجدُ المذيع بأسلوب درامي، تكاد ترى مخاط أنفه! من شدة تأثره بهذا المؤثر العظيم فيسأل الضيف عن فلسفته في الحياة، فيجيب بكل ثقة عندي دكتوراه في الحياة ،عِش حياتك، افعل ما تحب، لا تهتم لكلام الناس!”، ثم تضيء الاستوديوهات بالتصفيق، وكأننا أمام سقراط وهو يشرح نظرية المؤثرة عفوا المعرفة!
لا أحد يُنكر الدور الذي لعبته بعض القنوات ، التي فتحت لهم الباب وفرشت السجاد الأحمر واستضافتهم وكأنهم قادة فكر أو رواد تغيير! تحت ذريعة الشهرة وأن الجماهير تتابعهم ! نتفق في جزئية أنه دون المتابعين، لن يكون لهؤلاء المؤثرين قيمة، لكن المفارقة أن كثيرًا من الناس يتابعونهم لمجرد الفرجة والتسلية، ثم يتساءلون عن أسباب تراجع الأخلاق والقيم ! وكأن شخصًا يشتكي من قلة السنابل في الحقل وهو من زرع الشوك بيديه ! برأيي الحملة التي قامت بها الجهات الحكوميه من أجل توقيف البعض من المؤثرات في انتظار البعض الآخر الذي لا تفرق بين ذكرهم وأنثاهم ! طبعا أتحفظ على كلمة مؤثر لأن بين المؤثر والمُخدر شعرة الوعي المجتمعي التي إن قُطعت قطع معها كل شيء هذه الحملة رغم أهميتها، لا يجب أن تكون مجرد إجراء مؤقت كأن تحمل مظلة مثقوبة في يومٍ مُمطر !بل ينبغي أن تكون بداية لوضع معايير واضحة للمحتوى الرقمي، مع تشجيع صُنّاع المحتوى الهادف، ودعم المؤثرين الذين يقدمون محتوى مفيد ويُثري العقول.
اننا كما ارادوا لنا ان نكون. الى ان يشاء الله ان نكون كما أراد لن اسيادنا السابقون.