Site icon موقع الأستاذ أسامة وحيد

أنا و الملك .. الحلبة الأولى : ” متى سيغيّر الثعبان جلده؟

اعتاد بعض مشاهدي القنوات التلفزيونية متابعة تدخلاتي في برامج سياسية، و لعل أكثر ظهوري كان على قناة المستقلة لصاحبها السياسي التونسي الدكتور الهاشمي الحامدي، حتّى أنه عرض عليّ العمل كمقدم برامج في قناته، و هو ما حدث بالفعل بعقد عمل استغرق أسبوعا واحدا فقط، و تلك قصّة سوف أعود إليها في الحلقات القادمة.
كانت العلاقات الجزائرية المغربية تكاد تكون عادية في بداية حكم الرئيس عبد المجيد تبّون، و الذي صرّح في منتدى الحوار الذي كان يديره الإعلامي محمد يعقوبي بأن فتح الحدود البرية مع المغرب مرهون باعتذار المخزن من الشعب الجزائري على أحداث سنة 1994، حين فرض الحسن الثّاني التأشيرة على الجزائريين، على خلفية تفجيرات مراكش، و إثر ذلك أغلقت الجزائر الحدود البرية، غلق استغرق ثلاث عقود و نيف.. لم تفتحه توسلات محمد السّادس، و قد اعتقدنا بأن وصول تبون إلى الرئاسة سيعجل بفتح الحدود، و بأن السّادس قد تلقف الرسالة و سيعتذر .
في تلك الأيام اتصل بي الدكتور الهاشمي الحامدي، و عرض عليّ بأن أكون نظيرا لصحفي مغربي يعتبر الأول في المملكة، قال لي اسمه ” حميد المهدوي”، و استغرب الدكتور بأني أجهل هذا الاسم المغربي الكبير.
لم أكن مهتما بالجارة الغربية، و كانت معلوماتي عنها لا تعدو كونها في نظري سوى صانعة المخدرات الأولى في العالم، و طقوس الركوع للعائلة العلوية، و أطفالها، و سياراتها و كلابها.
كان عنوان حلقات المناظرة الست ” نداء المحبة”.
لم تكن نيّة الدكتور الحامدي سليمة مائة بالمائة، فالرجل سياسي و له طموح رئاسة تونس، و يسعى لتوسيع شعبيته، و لقد وجد في فتح الملف الجزائري المغربي، و المصالحة بينهما طريقا سريعا نحو قصر قرطاج، كانت غايته التقرب من الدولة الجزائرية، و في نفس الوقت التقرب من المخزن.
لم أفهم لماذا اختارني أنا بالذات من كل الإعلاميين و المحللين السياسيين، ربّما لأنه كان يرى في لهجتي الحادة، و تعابيري القاطعة.. الشخصية الأسرع في الوصول إلى الجمهور المغربي الذي لم يكن يعرفني منه سوى بعض المثقفين، و بعض جمهور الفيسبوك الذين كان منهم أصدقاء …
قرأت بعض المقالات عن خلافات نظامي الجزائر و المغرب، و لم أجد أفضل من الدكتور محي الدين عميمور الذي كتب بعمق، و هو ما سأتعرض له أيضا في حلقات قادمة بكل تأكيد.
انطلقت المناظرة، استمعت إلى المهدوي، الذي كانت جُمله الأولى ودودة، طيبة، كنت أستمع إليه بحذر شديد، حذر توارثناه من آبائنا الذين طعنهم الخونة المغاربة في مناسبات سجّلها التّاريخ، بدء من الأمير عبد القادر الذي حاصره السلطان عبد الرحمن بن هشام، و سلّمه إلى فرنسا، ثم خيانة الأمير الحسن الثاني لقادة الثورة الجزائرية حين سلّمهم بطائرتهم إلى فرنسا.
يقول محمد حسنين هيكل بأن الحسن الثاني فعل هذا ليجهض الثورة الجزائرية التي خشي أن تنتقل عدواها إلى المملكة، فتطيح بحكم العلويين، خاصة أنه لاحظ حماس شباب جبهة التحرير المغربي يتعاظم كل يوم، جبهة كان لها الفضل في إرجاعه هو ووالده محمد الخامس من المنفى.
كنت أستمع إلى المهدوي، ..و أهز رأسي أمام إطرائه الشديد بي و بالشعب الجزائري ..
كنت أنظر إلى رأسه المستدير استدارة غريبة، و صفي أسنانه إلتي كانت تبرز أثناء حديثه فتبدو غير متناسقة، و عينيه الغارقتين في قعر نظارات طبيّة، كنت أدرس لغة جسده، و التي كانت كلها تؤكد بأنه لم يكن وحيدا في الغرفة.
كتبت على ورقة أمامي .. ” متى سيغير الثعبان جلده”.
و كأن المهدوي قد قرأ ما كتبته… فقال ..!

يتبع/…

Exit mobile version