التسارع المضطرد للأحداث، والتوالي المزمن للمتغيرات الدولية على مستوى العالم بشرقه وغربه، حيث لا ثابت في عرف عصر الفوضى الخلاقة، إلا “عقيدة” أو نظرية “الصدمة” التي أصبحت هي سلاح الهيمنة على العالم، ذلك التسارع والتوالي في سيرورة الأحداث، انتهى مزادهما إلى حقيقة واحدة مفادها، أنّ العالم لم يعد لديه شيء يخفيه، وأنّ اللعبة المعولمة بوجهها المفضوح، أضحت صراعا وجوديا، عنوانه، “غابة” ضاقت بأقنعتها المزيفة واستنفذت كل ما لديها من متاجرة بالقيم الإنسانية والقوانين الدولية لِتُلقي إلى الواقع، بكل وحوشها ومسوخها، ويصبح الواقع ما نراه ونعيشه من لعبة ولغة وقانون “غاب”، هو الوجه الحقيقي، لعصر يقال إنه عصر “الذكاء” الاصطناعي، فيما حقيقته، أنه عصر “الغباء” البشري، الذي ابتلع -لعهود من التنويم الممنهج والتمييع المدروس- كِذْبة أنّ علبة “النظام” الدولي -على مختلف مصادر قرارها ومصالحها الاقتصادية وأحقادها التاريخية وتراكماتها العقائدية- يمكنها أن تكون جزءا من سلام العالم ورفاهية الشعوب..
الأصل فيما نعيشه الآن -من تدافع لإعادة تشكيل وتعليب العالم بعربه وعجمه على مقاس “المحتشد” المعولم، الذي لا مجال فيه للصدفة ولا للأقدار- أنه التحصيل الحاصل لمراحل من المخططات المتراكمة التي انتهت بوجهها الحالي، إلى المرحلة الأخيرة من اكتشاف البشرية على مختلف مشاربها وعقائدها وجغرافياتها، أنها كانت الضحية الأولى والأخيرة في مسرحية الحرية وحقوق الإنسان والمُوَاطَنة والقوانين الدولية، حيث البضاعة السابقة من قيم ومثل إنسانية، لم تكن إلا خيط “الحرير”؛ الذي شدّ عنق الجميع إلى مختبرات الوهم، فالأمر برمته، كان ولا زال لعبة “مخابر”، أتقنت وظيفتها في قنص واصطياد البشرية فترويضها بما يتناسب مع مساحة “القفص” المعولم.
والمهم، فيما جرى وما هو جارٍ من تلاعب ذهني مُدَول، أنه وفي غمرة أوهام “سدنة” اللعبة بأنّ كل شيء على ما يرام، كانت محطة “غزة”، من خلال طوفانها الإنساني، المحطة الفارقة، لشعب قدّم أرواح أطفاله ونسائه وشيوخه، قربانا للحقيقة… حقيقة، أنه آن للعالم أن يرى نفسه من خلال غزة، ليعرف أي حال هوى بإنسانية لم ينتبه بَشَرُها، أنه كان، ولعهود من التعويم والتوجيه والقولبة، فأر تجارب في مختبرات معولمة رهنت مصيره، كما تلاعبت بحياته وجعلت من وجود إنسانه، رقما في قطيع معولم، حتى وإن اختلف طعم علفه ولون ملبسه ومساحة رعيه، ناهيك عن جغرافية “بعبعته” ومآل نحره، إلا فإنه في النهاية، قطيع مسلوب الإرادة ومسير بشكل، أنه لا قدر له إلا ما هو مرسوم ومعد ومُسطرٌ سلفا، فالكل وفق منطق “الحاكم” الفعلي في لعبة “المزرعة” السعيدة، مشروع تسمين وذبح حتى وإن اختلفت سكاكين وطريقة النحر، فلا قانون في عالم اليوم، إلا قانون المصالح ولا مفهوم في عُرف المحافل المتحكمة في حياة البشر إلا لغة “البزنس”..
البزنس بعقول الناس، البزنس بمرضهم وصحتهم، البزنس بوجودهم من عدمه، وطبعا التاجر معروف والأحداث التي كانت في خانة البديهيات، قبل سقوط الأقنعة وزوال الغشاوة من على أعين الناس، أثبتت كم هو سهل أن يتحوّل العالم إلى محتشد للقطعان البشرية، وإن اختلفت وسائل سجنها وأشكال أقفاصها ناهيك عن أزمنة قنصها..
من أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث التاريخ، كما المستقبل بحاضره الملوث اليوم، أخذ له منحنى بشريا آخر، إلى “حرب” كورونا، وما التهمته من ملايين الجثث في كابوس “توبئة” مدروس، وصولا إلى خرافة قوة لا تقهر كانت “كيانا” صهيونيا، ابتز البشرية بمظلومية تاريخية مزيفة.
قلنا من هذا إلى ذاك فذلك، فإن ثلاثية الخديعة، بـ”سبتمبرها” وكوفيدها ووهم قوة دويلتها الصهيونية، والتي “عَلبت” عالم اليوم ليكون قريتها، كما رسمت مصير القطعان البشرية، ليكونوا جزءا من قانون الترويض و”التسليم”، انتهت، أي تلك الثلاثية السابقة، إلى تناثر أوراقها، ليكتشف إنسان عصر الذكاء الاصطناعي اليوم، كم كان غبيا بأمسه وكم هو ساذج بحاضره، والأكثر من ذلك كما هو مسكين بغدّه المرهون، حيث الإستراتيجية المفضوحة المعالم في واقعنا اليوم، لم تكن في حقوق القطط والكلاب و”الكباش”، ولكنها في حقوق إنسان، مرهون المصير والحياة والوجود..
في واحدة من الاعترافات التي تضاف إلى أجندة الخديعة والتلاعب بالذهن الجمعي، في قضية كانت حربا تسمى “كورونا”، وفي تصريحات مثيرة، تضاف إلى فضيحة سحب شركة “أسترازينيكا” البريطانية للقاحها المضاد لفيروس كورونا من الأسواق، اعترف “أنتوني فاوتشي”، طبيب الأمراض المعدية وكبير المستشارين الطبيين خلال إدارتي الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن، أنّ مسمى إجراءات التباعد الاجتماعي والتي اتخذت وقت الجائحة وعزلت الناس بعضهم عن بعض، لم يكن لها أساس علمي، مُقِرا في ذات السياق، أمام نواب الكونغرس الأمريكي، أنه تم اختلاقها من طرفه و”أنها قرار تجريبي لا يستند إلى البيانات”، والمؤسف بل الغريب هنا، أنّ تصريحا بهكذا خطورة، مرّ مرور الكرام أمام عالم كان عرضة لكابوس، بل لحرب كونية تسمى “كورونا”.
فرغم أنّ الفاتورة كانت أكثر من 6 ملايين ضحية، إلا أنه ولا واحد من “القطيع” المعولم، على مختلف منظماته ومؤسساته الأممية ومجتمعاته المتعددة ودوله المتضررة، توقف أمام هكذا اعتراف مزلزل، ليطالب بحقيقة ما حدث، ومن حقن ملايين البشر بلقاح قاتل لا زالت تداعياته تحصد عشرات الآلاف يوميا نتاج الجلطات الدماغية والسكتات القلبية المفاجئة؟ والأكثر من ذلك، من “سجن” العالم وأدخل شعوبه في أقفاص بناء على نظرية لا وجود علمي لها؟ والمهم في الاعتراف الجديد لواحد من “جنود” المخابر الأمريكية وأكثرهم معرفة بعلم الأوبئة والخفافيش، حين تقرر إبادة البشر، أنه لا أحد سأل وتساءل، من المستفيد من كل ما جرى، وهل انتهت اللعبة هنا، أم أنّ الخفاش الصيني الذي ألصقت به تهمة كوفيد، لا زال لديه المزيد؟
من كورونا كخديعة معولمة، تناثرت أوراقها لتُعريها كحرب مخبرية القتل والتصفية، إلى أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي لم يعد خافيا، أنها السيناريو الدموي الذي “غلف” ما بعدها من أحداث وتحولات عالمية، أزالت شعوبا وأنهت دولا وألغت جغرافيات، وصولا إلى خرافة كيان صهيوني، تم التأسيس لمظلوميته التاريخية كما تم التأسيس لقوته الوهمية، التي جرفها طوفان أقصى كما جرف زيف “تاريخ” محرقتها الوهمي، فإنّ واقع اليوم بأحداثه المتوالية ومتغيراته المكشوفة، أحرق كل أوراق الخديعة بثلاثية التأسيس التي أخاطت العالم على مقاس لعبة المصالح وفقط.